Monday, March 30, 2009

للكبار فقط

للكبار فقط

"ولولا كبار النفوس في الأرض لكانت الأرض جحيماً. ولولا صغار النفوس فيها لكانت نعيماً. أولئك كالنحل. وهؤلاء كالذباب. فبينما تعيش النحلة مع الأزهار ومن الأزهار، تعيش الذبابة في الأقذار ومن الأقذار"
"ميخائيل نعيمة- صغار النفوس وكبارها"

صحيح ان لا مكان "للصغار" في الاشرفية، فهذه المدينة العريقة في تاريخها ونضالها ومقاومتها لن تتمثل الا بكبارها، انما يبدو ان مفهوم الصغار والكبار قد التبس على بعض الزعامات الطارئة، فتوهموا ان صغار السن هم "الصغار" وكبار السن هم "الكبار" وفاتهم انهم رددوا يوماً شعار "ويل لامة تضحي بشبابها من أجل شيبها".
اما اذا سلمنا جدلاً ان صغار السن هم قليلوا الخبرة فهذه مشكلة قد تجد لها حلاً مع الوقت، اما من شبّ على اثارة الفتنة ونبش القبور وزرع الشقاق واطلاق الاكاذيب والتنقل من موقع الى آخر وشاب عليها فكيف تحل مشكلته يا ترى؟

يطل علينا جهابذة العصر الليموني البائد من كتبة ومهرجين بفتاوى الاصلاح المشبوه، فيدّعون رفضهم الوراثة السياسية، متناسين ان كتلة الاصلاح والتغيير وحلفاءها انما يختزنون حيزاً كبيراً من هذه الوراثة، اللهم الا اذا كان جهلهم قد شمل شخصيات راحلة مثل جوزف سكاف والامير مجيد ارسلان وسليمان فرنجية (الجد) والوزير طوني فرنجية ونهاد بويز وعبد الحميد كرامي...، ولعلهم لم ينسوا بعد كيف وصل سيدهم الجديد وريث النظام البعثي الى الحكم وهو الذي نال الكثير من عبارات الاطراء ممن ساروا مؤخراً على طريق العار في اتجاه دمشق.

فكيف تصح الوراثة والعائلية حيث الاصلاحيون والتغييريون ولا تصح في الاشرفية حيث الورثة يحملون مشعلاً، ويكملون مسيرةً كان من المفترض ان يكملها أباءهم لولا متفجرات الحقد التي غدرت بهم، لكأن المؤامرة التي بدأت باغتيال الزعامات السياسية تستكمل اليوم في محاولة لاغتيال القضية التي من أجلها استشهدوا، الا ان الاشرفية لن تجد صعوبة في التمييز والاختيار بين أبناء القضية، الثابتون على ايمانهم بلبنان، الاوفياء للتاريخ والشهداء، وبين لقطاء السياسة، المتحدرين من لا مكان، المتقلبين من اسرائيل الى ايران مروراً بسوريا ومن الكونغرس الاميريكي الى جامعة دمشق، ومن حرب الغاء القوات اللبنانية الى وثيقة التفاهم على استمرار دويلة حزب الله.

لأولئك الجهابذة صغار النفوس المتطاولين على كبار الهامات، ابناء القضية الحقة، والمقاومة اللبنانية التي حافظت على الاشرفية حرة وستبقى، بعض من مفاهيم ثقافة "الصغار والكبار" علّهم يميّزون:
"الصغار" هم من انتقلوا من ال1559 الى مذكرة التفاهم وليس من تنقلوا من تشييع الى آخر خلف جثث أبطالهم.
"الصغار" هم من تبختروا في الشام ولم يتجرأوا على السؤال عن المعتقلين في سجونها واعلنوا طي الصفحة معها فيما السلاح غير الشرعي لا يزال يتدفق والحدود غير مرسمة ولبنان ساحة لمغامراتهم ومفاوضاتهم المباشرة وغير المباشرة مع اسرائيل.
"الصغار" هم من اعلنوا النصر في 7 أيار فوق جثث أهل بيروت وعلى حساب كرامة الجيش.
"الصغار" هم من برروا قتل الطيار سامر حنا ومنع رفاقه من الوصول اليه.

"الصغار" هم الذين يقتاتون من الحقد وتشويه التاريخ ونبش القبور وزرع الفتنة عبر شاشتهم الرخيصة.
"الصغار" هم الذين يتطاولون على بكركي وسيدها بكلام يعكس ما تختزنه نفوسهم المريضة.
"الصغار" هم الذين يغطون السلاح غير الشرعي والجزر الامنية وميليشيات الامر الواقع.
"الصغار" هم الذين يتركون جنودهم في ساحات القتال ويفرون الى السفارات لانقاذ انفسهم.
"الصغار" هم الذين فبركوا الاشاعات لقتل شهداءنا مرتين، وما عليكم سوى ان تسألوا روح سمير قصير من قتله اكثر؟ الصغار الذين فجروه، ام الصغار الذين اطلقوا الاشاعات بحقه.

ولكن، اطمئنوا ايها اللبنانييون، اطمئنوا يا ايها الاحرار، فالاشرفية لا تنتخب سوى الكبار، الكبار في عيون الناس وقلوبهم، الأوفياء، المؤتمنون على القضية، الكبار الذين لا يغدرون ولا يشتمون ولا يخونون ولا يفرون ساعة المواجهة...والكبار معروفون وعناوينهم معروفة وعلى جباههم مناسك العزة والتضحية والفداء.
اطمئنوا يا أيها الاحرار، فالاشرفية لن تخذل شهداءها، وعلى مقاعدها النيابية داخل المجلس لافتة كبيرة خطّها اهلها بعنفوانهم وصمودهم، لافتة تحمل عبارة "للكبار فقط".

ادغار بو ملهب

No comments: