Thursday, November 20, 2008

ايران: موطن الإضطهاد المسيحي

ايران: موطن الإضطهاد المسيحي
شكل نجاح الثورة الإسلامية ووصول اية الله الخميني الى الحكم عاملا سلبياً على المسيحيين تجلى بكلام للخميني نفسه بعيد عودته الى ايران من منفاه يقول فيه ان "غير المسلمين مدنسون ويجب تجنب غسل ثيابهم او تناول طعامهم او الاستعانة بادوات الاكل التي يستخدمونها". وقد انعكس هذا الكلام على ارض الواقع تضييقاً على المسيحيين، مما حدا بقسم كبير منهم الى الهجرة فبات عددهم في العام 1994 مئة وعشرون الفاً بعدما كان في العام 1973 اكثر من مئتي الف. وينقسم المسيحييون في ايران اليوم الى فئتين. الفئة الأولى هي فئة المسيحيين الشرقيين الذين تعترف الدولة بوجودهم وتتألف من: - الكلدان الأشوريين الذين يعدون اليوم 1700 نسمة بعدما كانو نحو سبعين الفاً في العام 1978 وثلاثين الفاً في العام 1988. - النسطوريون ويبلغ تعدادهم اليوم سبعة آلاف بعدما كانوا 15 الفاً في العام 1988. - الكلدان الكاثوليك وعددهم ثمانية آلاف بعدما كانوا 15 الفاً في العام 1988. - البروتستانت ويبلغ عددهم اليوم الفي نسمة. - الأرمن وكان عددهم في العام 1994 يناهز المئة الف. والفئة الثانية هي فئة الفرس المتحولين الى المسيحية وهم الذين يعرفون بالمرتدين. كان عددهم في العام 1994، 2300 نسمة وهم لا يتمتعون بأي حماية قانونية ويقتلون بسبب الإرتداد. بعد الثورة الإسلامية خضعت الحريات الدينية للأقليات لقوانين صارمة، فأنشأت دولة آيات الله مكتباً خاصاً بالأقليات الدينية وظيفته احكام السيطرة على هذه الأقليات ومراقبة نشاطاتها وقمع ما تراه الدولة الجديدة مناقضاً لتوجهاتها الإسلامية. وقد اصدر هذا المكتب اوامر تدعو المسيحيين الى القول ان المسيح هو نبي ليس اكثر وانه ليس ابن الله. كما منع استيراد الكتب الدينية المسيحية من الخارج خاصة تلك المترجمة الى الفارسية. وتقول بعض الأوساط المراقبة للحياة الدينية ان الشرطة المسماة "سافاما" هي التي تدير فعلاً حياة الأقليات وهي المسؤولة عن الأحداث التي جرت في العام 1990 ضد المسلمين المرتدين واقفال اربع كنائس بروتستانتية وقتل احد القساوسة. الخوف من ازدياد اعداد المتحولين الى المسيحية حدا بالسافاما الى اضطهاد الجمعيات البروتستانتية والإنجيلية التي نجحت في استقطاب العديد من المسلمين اليها فتم في اطار الحملة الآنفة الذكر في العام 1990 استجواب المبشرين ومنعهم من التبشير وصولا الى ذبحهم وقتلهم وحرق المرتدين. فقد اعدم قس جمعية الله في مشهد حسين سودماند في 3 كانون الأول 1990 بتهمة الإرتداد بالرغم من مضي 24 سنة على تحوله للمسيحية مخلفا وراءه زوجة عمياء واربعة اطفال. ( مأساة عائلة سودماند لم تنته فصولاً مع مقتل الوالد فقد اعتقلت السلطات الإيرانية في 21 آب الماضي ابنه رامتين رغم انه ولد مسيحياً وحوكم بتهمة الردة وسرت اشاعات قوية عن اعدامه منذ حوالي الأسبوعين). القس روبير منساريان تم توقيفه وتعذيبه فأصيب بنوبة قلبية ولم يعد يجرؤ على دخول الكنيسة. القس ادمون سرجيسيان من تبريز اوقف وعذب وسجن ولم يطلق سراحه الا بعد فترة طويلة. في العام 1993 تم توقيف القس محمد سيبير الذي خلف سودمان لمدة قصيرة ومن ثم طلبت منه الشرطة مغادرة مدينة مشهد التي تعرض مسيحيوها لحملة استجوابات كبيرة. في العام 1993 ايضاً اصدرت السلطات قراراً اصبح الدين بموجبه يذكر على بطاقة الهوية لتستطيع الشرطة خلال مداهماتها للإجتماعات المسيحية ولدور العبادة المسيحية من معرفة المسلمين الذين يحضرون هذه الإجتماعات والصلوات. وبمعرفة اسماء المتحولين الى المسيحية بدأت حملة اضطهاد عنيفة عليهم لدرجة ان قسماً من هؤلاء في غورغون، حيث اقفلت احدى الكنائس وكنتيجة للضرب المبرح، تبرأ من دينه المسيحي. وفي صيف ذاك العام في اصفهان داهمت الشرطة احتفالاً دينياً لجمعية الله كان يقام في احدى الحدائق الخاصة ودققت بهويات الموجودين للتحقق من امكانية تواجد مسلمين بينهم. يومين بعد ذلك، طلبت الشرطة من هذه الجمعية عدم قبول انتساب اي مسلم اليها مهما كان غرضه. وفي شيراز تم تهديد المتحولين عن الإسلام الى المسيحية بأن مشاركتهم في العبادات المسيحية ستكلفهم حياتهم، اما في كرمنشاه فقد اقفلت الكنائس التي يصلي فيها المتحولون الى المسيحية وعلق هؤلاء رأساً على عقب. في حزيران من نفس العام اصدرت السلطات الإيرانية قراراً يقضي بإجبار السلطات الكنسية المسيحية على التعهد بعدم التبشير بالمسيحية. وقد وافق قادة الكنيسة السريانية والأرمنية والمشيخية مرغمين على ذلك اما جمعية الله فرفضت التعهد بذلك واستمرت بنشاطها رغم الإضطهاد. بناء على ذلك طلبت السلطات من قسين في طهران بوقف التبشير ايام الجمعة وهي ايام عطلة في ايران كما طلبت منهما ان يطالبوا الوافدين الى الكنيسة بهوياتهم لمنع المسلمين المرتدين من الدخول اليها، ولما رفضا ذلك بتهذيب بعثت السلطات بخمس شرطيين عسكروا على باب الكنيسة ودققوا بهويات الداخلين ومنعوا المسلمين الداخلين في المسيحية من الصلاة في الكنيسة. في العام 1994 تابعت السلطات الإيرانية اضطهادها للمتحولين الى المسيحية وللجمعيات المبشرة كجمعية الله في مشهد وجمعيات تبريز وارومية وساري وغورغون، وطالبت الجمعيات والقساوسة مجدداً بطرد المتحولين الى المسيحية من الكنائس ومنعهم من حضور الإجتماعات الدينية. خلال الإستجوابات العنيفة كانت الشرطة تحاول الحصول على اسماء المسلمين الذين بدأوا بحضوراجتماعات الجمعيات الدينية المسيحية. في العام 1994 ازدادت الإضطهادات واستشهد نتيجتها ثلاثة قساوسة كبار. القس مهدي ديباج اعتنق المسيحية وهو في التاسعة عشر من عمره، اعتقل في العام 1985 وامضى تسع سنوات في السجن منها سنتان في زنزانة يبلغ حجمها متراً مربعاً واحداً. في العام 1992 اجبر على تطليق زوجته بعدما هددته السلطات برجمها ومن ثم اجبرت على الزواج من مسلم ملتزم. اما اولاده الأربعة فاحتضنتهم الجمعية المسيحية في ساري. اواخر العام 1993 صدر حكم باعدامه بتهمة الإرتداد الا انه اطلق في 16 شباط 1994 بسبب الضغوط الخارجية ووضع تحت الرقابة القضائية الا انه سرعان ما قتل بعدما اختفى من منزله في 24 حزيران ووجد جثة هامدة في الخامس من تموز. في 19 شباط 1994 اي بعد ثلاثة ايام من خروج ديباج من السجن اختفى القس هايك هوفسبيان الصديق الحميم لديباج. وفي 29 حزيران من نفس العام اختفى القس تاديوس ميكايليان(62 عاماً) ومن ثم وجد في 2 تموز مذبوحاً ومضروباً بثلاث رصاصات في رأسه. وقد اكدت مؤسسة شؤون الشرق الأوسط التي تدافع عن حقوق الأقليات الدينية ان فرق الموت التي تتلقى توجيهات مباشرة من مراكز سياسية رفيعة المستوى في ايران هي التي اغتالتهم. قانون الزي القومي في منتصف ايار 2006 صادق البرلمان الايراني على قانون يدعى " قانون الزي القومي". وبموجب هذا القانون، سيجبر المسيحيون على وضع شريط احمر على الصدر، كما سيجبر اليهود على وضع شريط اصفرعلى الصدر ايضاً. اما الذين ينتمون الى الديانة الفارسية القديمة فسيجبرون على وضع شريط ازرق. هذا القانون هو أحد المشاريع الحكومية التي طرحها الرئيس الإيراني احمدي نجاد على البرلمان الذي بموجبه سيفرض على الناس ارتداء زي قومي جديد موحد يحل محل الازياء الغربية الحالية. وبموجب القانون الجديد، يجب تقديم التسهيلات المالية لمصممي الأزياء المحليين للتركيز على الملابس التي تتماشى مع "الهوية الوطنية والاسلامية لايران". وفي حين تلقت وزارة التجارة الايرانية أوامر بفرض المزيد من الضرائب على الملابس المستوردة، ستضطر البنوك الايرانية إلى الموافقة على تقديم قروض وتسهيلات نقدية لمصممي الملابس المحليين والخياطين. والخبر الذي احدث ضجة عالمية كانت قد تلقفته وكالات الأنباء العالمية من صحيفة الناشيونال بوست الكندية التي استقت معلوماتها من أحد الكتاب الإيرانيين الذين تربطهم علاقات واسعة مع العديد من المصادر داخل إيران وخارجها. ازاء هذه الضجة صدر نفي من بعض البرلمانيين الإيرانيين لوجود مواد تميز الأقليات الدينية في قانون الزي الوطني الموحد، وربما جاء ذلك لتنفيس الإحتقان العالمي، الا ان عدم صدور اي نفي رسمي عزز الشكوك في وجود هكذا مواد والا فما الذي منع صدور نفي رسمي لهذا الموضوع الحساس جدا الذي يتعارض مع شرعة حقوق الإنسان. هذا وقد جاء نفي بعض البرلمانيين في الوقت الذي أعاد فيه الكاتب الإيراني أمير طاهري، الذي كان أول من أثار القضية، التأكيد على أن القانون سيفرض قيوداً جديدة على حرية الإيرانيين بصفة عامة، فضلاً عن أن صيغته النهائية، التي لم يتم التوصل إليها بعد، قد تفضي إلى التمييز بين المواطنين على أسس دينية. وقد أشار طاهري في بيان صحفي أنه ملتزم بكل ما سبق وأعلنه في مقاله بصحيفتي الناشيونال بوست الكندية والنيويورك بوست الاميركية بشأن الزي الموحد للإيرانيين وإمكانية فرض زي محدد على الأقليات، موضحاً أن لجنة خاصة قد شكلت وأنيط بها العمل على دراسة كيفية تنفيذ القانون. وأكد طاهري أن مقترحات عديدة قد قدمت للجنة كان منها تخصيص الزنار لليهود والمسيحيين والزرادشتيين الذي أجبر أهل الذمة على ارتدائه على نطاق واسع في دول العالم الإسلامي ومنها إيران وتوقف استخدامه في مطلع القرن الحادي والعشرين وفي عام 1908 تحديداً في إيران. وأعلن طاهري أن مصادر موثوق بها تشمل ثلاثة أعضاء في البرلمان الإيراني أبلغته بمشروع القانون وبنوده المقترحة. وألمح الكاتب الإيراني إلى أن السلطات الإيرانية ترفض إصدار بيان ينفي فكرة الذمية والحاجة لوجود أزياء مميزة للأقليات الدينية. ومع النفي والنفي المضاد فان القانون يبقى، إذا ما تم العمل به، منافياً للمبادئ الأساسية لحقوق الإنسان، وعدواناً على حريات الشعب الإيراني المسلم منه وغير المسلم، لانه سيحدد للمواطنين الإيرانيين ملبسهم ويمنعهم من ارتداء ما يرغبون. قد يدعي البعض بأن الزي الموحد يأتي تلبية لتعاليم دينية أو إشباعاً لنهم عقائدي. ولكن إذا ما قبل بعض المواطنين المسلمين بالزي الإسلامي من منطلق طاعة التعاليم الإسلامية كما قد يزعم قادة الثورة الإيرانية، فماذا سيكون موقف الأقليات الدينية من القانون ومن الزي الإسلامي؟ قضية إجبار شعب بالكامل على ارتداء أزياء موحدة ومنعه من ارتداء أزياء معينة تظل ظاهرة غريبة وغير مسبوقة، ومتعارضة تماماً مع مبادئ حقوق الإنسان الدولية. هذا ويثبت ما اوردناه ان النائب اللبناني المسيحي الذي زار ايران مؤخراً (ميشال عون) لم يطلع على حال المسيحيين هناك كما كان قد صرح المقربون منه، بل يبدو ان الإيرانيين استغلوا وجوده هناك للحصول على براءة ذمة مسيحية مما يحصل للمسيحيين، فيما هو اكتفى بشهادة الزور منتظراً جائزة الترضية الكبرى الموعودة.
ربيع يعقوب

No comments: